: خالد كلبوسي
بلاد الأشباه
استمر الملك على العرش جيلا بأكمله,وكان قد خلف أباه الملك الذي تربع على العرش مدة جيل كامل كذلك. و يذكر كتاب " تاريخ الملوك" أن هذه الحال استمرت جيلا بعد جيل في هذه البلاد التي تعرف ببلاد الأشباه. و قد كانت طباع الناس قليلة التغير و يميلون إلى التكرار و السكينة في حياتهم.
لقد كان الملك المذكور متزوجا من صاحبة التاج الملكة التي لم تنجب له أبناء يخلفونه على العرش, و لوحظ أنه كان مهموما في الفترة الأخيرة , ذلك أن الحكم سيؤول بعد موته إلى ابن عمه الذي كان يكره حتى ذكر اسمه.
لقد كانت الأعراف السائدة تقضي بأن لا يتزوج الملك امرأة أخرى لكن يمكن له أن يعاشر من النساء ما يرغب فيه,كما كانت الأعراف كذلك تقضي بتحريم التبني.هل يسعى إلى الحصول على طفل يدعي أن صاحبة التاج أنجبته فعلا فيخلفه على العرش؟غير أن هكذا سر قد ينكشف,فيطرد من المملكة كما تقضي الأعراف.
لقد كان الملك واسع الإطلاع يقتفي آثار الأبحاث العلمية رغم أنه متمسك بأعراف البلاد التي تقضي بأن لا يتزود من العلوم إلا ما يخدم ما تعود عليه الناس في المملكة.وكم كان سعيدا عندما علم أن العلماء توصلوا إلى استنساخ البشر.إن هكذا إنجاز لا يتعارض مع أعراف البلاد و عاداتها التي تقدس التكرار في نفس الوقت الذي يمكنه من استنساخ شبيه له يخلفه في العرش. وهكذا التقى العلم مع السياسة.
سعى الملك بعد ذلك أن يستنسخ شبيها له, و قد تم ذلك بالفعل و أغدق الملك العطاء لفريق البحث الذي قام بالعمل.
لقد كان الطفل النسخة شبيها تماما للملك حتى في الحركات و الإيماءات فضلا عن الشكل الخارجي, و قد سمح الملك للرعايا أن يستنسخوا أشباه لهم احتراما للأعراف و العادات المكررة.و هكذا سيتم توريث العرش إلى نسخته.
لقد أدرك الملك أن الاستنساخ آلية جيدة لمقاومة الاختلاف,به ينهي العلم مهزلة التنوع.ومنذ ذلك الوقت الملوك ينتجون نسخا عنهم و الرعايا يستنسخ بعضهم بعضا,غير أن هناك مشكلة أخرى لعلها أعوص بكثير من مقاومة التغير و الاختلاف تعترض سبيل الحكام , إنها القلق, قلق الإنسان من الأشباه ,فعالم النسخ يفضي حتما إلى القلق الدائم.
انتهى
ملاحظة: اعتمدت في كتابة الأقصوصة على مسودة مرت عليها عدة سنوات.